كسرة الخبز .. يا زمن

توقفت أمام فرن الحارة بدوري المعتاد والمحجوز من قبل جارنا منذ سنة وثلاثة أشهر
وكالعادة كانت جفوني تنادي الفراش من شدة الانهاك ( الساعة 5.30 فجرا )
ظلام ممزوج بألوان الضوء الخافت .. لا أرى الا تلاميحا وخطوطا عريضة لأوجه الصف الأنثوي المقابل
فصل الذكور والاناث هو عادة قومية في بلدتي الصغيرة من المرحلة الابتدائية انتهاءا بمرحلة الندب فوق رأس الميت .. مرورا في طلب كسرة الخبز ونبقى حتى في هذه منفصلون ..
عندما أتحرك خطوة نحو شباك الخباز يتحرك بالمقابل ملمح وجه أنثى غامضة ..
من باب الفكاهة حاولت تطبيق قوانين الفيزياء بتقدير المسافة وسرعة التحرك لمعرفة الزمن اللازم لألتقي بتلك الانثى ولكن لم تسعفني ثرثرة بعض الرجال والنساء سوية على شباك الفرن والتي نسفت الزمن الذي قدرته للوصول فرضيت بما رضي لي
الساعة 6.00 صباحا وصل القطار بي الى الشباك ملونا الله وجه أنثاي ببزوغ الشمس الجميلة
أخذت حاجتها وأخذت أنا نصف حاجتي كي اتابع طريق عودتي للمنزل برفقتها ..
يا آنسة .. انت ابنة المرحوم ابو ابراهيم ..
قالت لي نعم وبابتسامة جميلة وصوت دافئ همست صباح الخير ..
كان الطريق قريبا لمنزلي بسبب أن والدي بنى منزلنا بجانب الفرن والمدراس والدوائر الحكومية حتى طاحونة القمح لاتبعد كثيرا .. حظ سيء ومضحك
طبعا لم يكن الخبز كافيا في ذلك اليوم ..
في اليوم الثاني ذهبت نصف نشط للوقوف بدوري .. فوجدتها تقف ولكن متأخرة عني وفي هذه الحالة لن أقابلها على شباك الهوى البسيط
تراجعت مرتبتين للوراء حتى أصبحت على صفها تماما لألاحظ ارتسام ابتسامة خجولة أطلقتها وهي تراقب فعلي الطفولي ..
ومضى الوقت والتقينا مرة ثانية فأخذت حاجتها وأنا أخذت ربع حاجتي مسرعا لمرافقتها
وصلت اليها قائلا صباح الخير يا ..
اسمي زمن .. صباح النور
وفي كل يوم كنت ألقاها ونتبادل حديثا اطول لأتعلق بها وأعشق ملقاها
وفي يوم من الايام استيقظت متأخرا لأذهب مسرعا نحو الشباك فأجدها على طريق العودة وقد انتهت من أخذ حاجتها لتبتسم قائلة


صباح الخير يا صاحب الشمس العالية .. اليوم لن ترافقني فاذهب لأخذ حاجتك وانتظر دورك
مددت يدي الى رغيف خبز ساخن وأخذت كسرة خبز من يدها الساخنة قائلا :
تكفيني كسرة خبز واحدة قوتا لمرافقتك يازمني الجميل ... صباحك سكر